كان الحسن البصري يقول:
«يا ابن آدم!! دينك دينك فإنه هو لحمك ودمك، إن يسلم لك دينك يسلم لك لحمك ودمك، وإن تكن الأخرى فنعوذ بالله، فإنها نار لا تطفى، وجرح لا يبرأ، وعذاب لا ينفد أبدا، ونفس لا تموت».
أخي في الدعوة .. ماذا تفعل لو أصابك جرح قاطع أدى إلى نزف مستمر؟! هل تتألم؟! وبعد الألم ماذا يكون إن لم يكن استدعاء الطبيب والهرولة إلى المستشفى قبل أن يؤدي الجرح -ولو كان صغيرا- إلى موتك!!
فهل جسدك أغلى عليك من دينك؟! هل إذا جُرِح دينك بتضييع حدوده وانتهاك حرماته تُسرِع لإغاثته بالعمل له والبذل في سبيله، وتتردَّد على مشافي الدعوة بدلا من التردد على مآتم الأحزان في الزوايا والأركان؟!
هل تنصر دينك بحركة تؤيِّده وسعي حثيث يضمِّد جراحه، وإذا فعلت فهل يكون هذا بروح مضطرمة وعزيمة متقدة أم بتثاقل وبرود!!
نفس ما نطق به الحسن البصري في القرن الثاني الهجري نطق به المودودي في القرن الرابع عشر الهجري، فكلاهما خرج من مشكاة واحدة لأن نسب الإيمان واحد، فقال في تذكرته القيِّمة:
«إنه من الواجب أن تكون في قلوبكم نار مُتَّقدة تكون في ضرامها على الأقل!!! مثل النار التي تتقد في قلب أحدكم عندما يجد ابنا له مريضا ولا تدعه حتى تجره إلى الطبيب، أو عندما لا يجد في بيته شيئا يسد به رمق حياة أولاده فتقلقه وتضطره إلى بذل الجهد والسعي.
وهذه العاطفة ما لم تكن راسخة في أذهانكم ملتحمة مع أرواحكم ودمائكم آخذة عليكم ألبابكم وأفكاركم، فإنكم لا تقدرون أن تحرِّكوا ساكنا بمجرد أقوالكم».
وهذا لأن شأن الدعوة شأن العلم، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كُلَّك، وبغير هذا لا يكون نتاج أو حصاد ثمار